في خضمّ الحياة، ومع تتابع التجارب والمواقف، كثيرًا ما ننسى أن أعظم ما نملكه… هو أن نكون على حقيقتنا.
منذ الطفولة، نسمع آراءً عن كيف "يجب" أن نكون. تُقال لنا كلمات مثل: "كن أقوى"، "لا تُظهر مشاعرك"، "غيّر من نفسك حتى يحبك الناس".
ومع الوقت، نبدأ في ارتداء أقنعة مختلفة. نُظهر صورة محسّنة، نخفي ضعفنا، نُعدّل أحلامنا، ونتصرّف أحيانًا بطريقة لا تُشبهنا… فقط كي نحصل على القبول أو نتجنّب الرفض.
لكن الحقيقة التي نكتشفها عاجلًا أو آجلًا، هي أن هذا البُعد عن الذات، مهما بدا مريحًا في ظاهره، يحمل في داخله تعبًا عميقًا.
أن تُجاهد لتكون نسخة تُرضي الجميع، يعني أن تُهمل النسخة الوحيدة التي تستحق حبك واهتمامك: نسختك الأصلية.
الصدق مع النفس لا يعني أن نكون مثاليين، بل أن نكون حقيقيين.
أن ننظر إلى دواخلنا بلطف، ونتقبّل ما نراه… من مشاعر، واحتياجات، وحتى تلك الأجزاء التي لم نُحبّها يومًا.
لأن كل ذلك جزء من إنسانيتنا، من قصّتنا، من حقيقتنا.
وهنا، من المفيد أن نتوقّف للحظة ونسأل أنفسنا بلطف:
هل أعيش حقيقتي؟
هل أسمح لنفسي أن أكون كما أنا، بعيدًا عن الأقنعة والتوقعات؟ أم أنني أُعدّل ملامحي الداخلية كل يوم، فقط لأتجنب نظرة نقد أو رغبة في القبول؟
في المساحة الآمنة التي يوفّرها العلاج النفسي، نبدأ تدريجيًا في إزالة تلك الأقنعة. نمنح أنفسنا فرصة نادرة لنكون كما نحن، بلا خجل أو تصنّع.
ونتعلم أن القيمة الحقيقية لا يمنحها الآخرون، ولا ترتبط بما نظهره لهم، بل تنبع من الداخل… من وعينا بأننا نستحق الحب لمجرد أننا نحن.
نستحق أن نُعامل بلطف، أن نُسامح أنفسنا، أن نحزن دون خجل، وأن نفرح دون قيد.
نستحق أن نعيش حياة تُشبهنا، لا حياة نُصممها على مقاس توقعات من حولنا.
حين نتقبّل ذواتنا كما هي، نتحرّر من عبء المقارنة، ومن التوتر الناتج عن السعي الدائم لإرضاء الآخرين.
نبدأ في الاستماع لصوتنا الداخلي، في احترام مشاعرنا، وفي اتخاذ قرارات تُناسبنا حقًا.
وهنا يبدأ دور الطب النفسي كمساحة للشفاء، للفهم، وللعودة إلى الذات.
المعالج النفسي في الكويت لا يُعالج الألم فقط، بل يُساعدنا على الإصغاء لأعماقنا، وفهم مشاعرنا، والتصالح مع أنفسنا من جديد.
طلب الدعم النفسي ليس دليل ضعف، بل خطوة ناضجة نحو حياة نفسية أكثر توازنًا وسلامًا.
نهاية الطريق ليست أن نُصبح "كما يجب" بل أن نُصبح كما نحن.
ومفتاح ذلك يبدأ من الداخل… من الصدق مع النفس.
فكم مرة تعلّمنا منذ الصغر أن الصدق فضيلة، وأنه من القيم التي يجب أن نتمسك بها؟
لكن ما أهمية هذا الصدق… إذا فقدنا أساسه؟
ما أهمية الصدق… إذا لم نكن صادقين مع أنفسنا أولًا؟